اسمي محمد – هكذا أخبروني –
وأنا لا أصدقهم ، ولا شيء يدفعني لتكذيبهم
الأمر لا يعنيني ..
فأنا دائما معي ، ولا أحتاج أن أناديني !
ثم إن "الأسامي كلام شو خص الكلام" ، أو كما قالت فيروز !
وفيروز عجوز نصرانية تؤمن أن لله ولدا صلبه ليخلص الناس من خطيئة أبيهم الأولى
وهي تحب الرسول بولس وتوما المتشكك ، ولا يعني لها شيئا الصديق ولا عمر !
ونحن نستمع لها ونسميها "صوت الصباح" ، والقرآن صوت العشر الأواخر من رمضان !
وحين أحدث الناس بمثل هذا يقرعونني ويسخرون ..
من أعرابي غليظ ما زالت إبل جده ترعى في "نفود" صدره ، يستمتع بخلع "أتيكيته" كل ما اشترت المدينة علبة مكياج جديدة ، ويرى في"نزول" المطر قيمة وأهمية أكثر من "طلوع" البورصة !
أخبروني أن الموسيقى غذاء الروح ، ترنيمة الكون ..
حدثوني عن الحق ، الخير، والجمال الذي ليست له عقيدة ولا يعترف بحدود
فالعصافير ليس لديها جوازات سفر، ويطرب لها البوذي واليهودي وأهل مكة !
أهدوني روايات أحلام مستغانمي وجابرييل ماركيز ...
وطلبوا مني أن أقرأ قصائد نزار ومحمود درويش ثلاث مرات عند الصباح وعند المساء !
وأن أشتري حذاء من " ALDO" وقميصا من "ZARA " ..!
قالوا لي ...
" يا محمد ..
العمر مرة ، والحياة أبسط من كل هذا التعب ، فقط حاول أن تستمتع ، وأن لا تفكر كثيرا !"
فابتسمت .. وفعلت !
صدقتهم أول النهار ..
وفي آخر الليل انسلوا من ثقب بابي وتركوني وحيدا مع "أحزان المساء" وقميص من "ZARA"...فأبكي !
وفي كل ليلة تسألني أمي ..
" ياوليدي .. وش فيك "
فأخبرها ..
"يمَّه ..
آخر الليل يروح الناس .. ولا يبقى غيري !"
فتحضر لي "ماي مطوع" ، وتطلب مني أن أغسل وجهي وأشرب !
فــأشرب ...
وأبكي أكثر !!
اسمي محمد – هكذا ينادونني –
وأنت أيضا تستطيع مناداتي محمد !
وقد قرأت يوما لأحدهم – وأنا أصدِّق أحدهم لأنني لا أعرفه ، فوحدهم الذين لا أعرفهم لم يكذبوا علي –
( ليست الأحلام تلك التي نراها في المنام ، الأحلام الحقيقية هي التي تجعلنا لا ننام )
أحدهم يكتب أشياء جميلة ، وكل ما حاولت أن أفعل ..
تضحك عيناي وتبكي على شفتيَّ العبارة !
أبحث عن كلمات جديدة ، وأرض لم يطأها "قلم" ، كي أكتب عن أحلام قديمة وقصص لم يروها أحد
فـأعود دوما بــ "حرفي" حُنين/حَنين !
وما زلت أبحث وما زالت أحلامي "ما يشيلها دفتر" !
وفي كل جمعة أحلم أن أعتلي المنبر واهتف في الناس
أيها الناس ..
لا أنا الخضر
وليس فيكم موسى
غير أني سأخرق السفينة
وأقطع رأس الغلام
وأهدم كل جدر المدينة ... التي "لا" تريد أن تنقض !
ولن أنبئكم بتأويل شيء ، فلن تستطيعوا معي "صدقا" !
فاذهبوا إلى فرعون ..
أخبروه أنه "ما" طغى ، ولا أكثر في البلاد "التضخم" !
قبلوا يديه ، وإن غفر لكم قبلوا قدميه !
واكتبوا في سيفه وعمامته وخيله .. قصائد نبطية !
وإن قال لكم "مالي لا أراه"
فأقرئوه مني "البراء"
وأخبروه أني على ظلالي القديم
أحلم بالحواريين
وبالمسيح بن مريم
أصلي الاستسقاء في أغسطس
وأحدث الناس بما لا يعقلون !
أخبروه إن استطعتم ..
أن "حيزوم" ليس مربوطا في إسطبل أبنائه
وأن السحاب لا يستحلب
والمطر لا يهطل بمراسيم فرعونية ، ولو صنع له "هامان" سلما إلى السماء !
وأن الأرض لله
والبحر لله
والنفط لله
وللعاهر الحجر !
أيها الناس ..
إننا نموت آلاف المرات ، وسندفن مرة !
فمن استطاع منكم أن لا يموت قبل يومه فليفعل
وابكوا ..
ابكوا كثيرا ، ولا تسألوا الناس شيئا
والذي نفوسكم بيده لوددت أن أكون في شعب من الشعاب ، أرعى إبل جدي لا أرى أحدا منكم ولا يراني أحد !
ليس معي إلا قلبي .. وتفسير ابن كثير !
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولوالديَّ ، ثم أنزل عن المنبر وأمتطي رحولي المربوط في سارية المسجد ، "وأهيجن" قصيدة قديمة "كتمتها" على باب بيت مهجور ..
"باكر نجومي تطيح .. وأموت
ينكتب في سلمى قصايد .. وتنساني !
وين الوعد سلمى ؟
ضاع العمر ..
حرف وهقاوي !! "
( إذا ضحكت سلمى ... تزهر في نفود صدري سنابل
وإذا بكت ... انطفت ناري )
فليتف من حولي الصبية والنساء ويسألونني ..
" من هي سلمى ، وش هو الوعد ؟! "
فــأبتسـم ..
.
.
.
وفي آخر الليل أبكي !!
وأبحث عن كلمات جديدة ..
فأفعل مثل ما يفعلون
أضع في أول السطر نقاط ، وفي آخر النقاط سطر!
يرقص على الورق خصر
وينبت في ضلوعي خنجر
"وأحثُّ" الحروف في وجوه الناس حكاية
لم أكن فيها النبيل الوسيم ، ولا كانت سلمى حلوة وأميرة !
سِفْر "فتية المقهى" الذين جمعهم "اكتتاب" وجديلة
وفرقتهم صلاة الفجر!
وأحث الدروب في وجوه الناس "خطاوي"
سَفر ..
غربة
ومعاصي !
يكبر في صدري الكلام .. ويكبر
وأعود أصغر ,, فـأصغر
حين كنت أعجب كيف أن الدرب الذي يأخذنا إلى بيت خالي البعيد ، هو نفس الدرب الذي يعيدنا إلى باب منزلنا"وسدرة" جارنا ؟!
فأسأل أمي ..
" يمه ..
ليه الطريق كذاب وبوجهين ؟
يا يروح .. يا يجي ؟! "
فتضحك أمي ..
ولا يبكي أحد !
.
.
.
.
هذه طاولتي
هذا مقعدي
هذا كوبي وكتابي
-وأنا اسمي محمد-
الذي سرقوا منه الكلام
وأهدوه أقلاما ودفاتر
وطلبوا منه أن يكتب أشياء جميلة
عن فيروز ..
توما المتشكك
وقمصان ZARA !